عبد الله بن المقفع هو أحد أبرز الأدباء والمفكرين في العصر العباسي، وقد ترك إرثًا أدبيًا وفكريًا كبيرًا رغم قصر عمره. إليك نظرة شاملة عن حياته، أعماله، وإسهاماته:
نسبه وحياته المبكرة
- الاسم الأصلي: روزبه بن داذويه، ولُقب بـ “ابن المقفع” بسبب تعرض والده للعقوبة حيث ضربه الحجاج بن يوسف الثقفي حتى تقفعت يداه (تشنجتا وتورمتا) بعد اتهامه باختلاس أموال الدولة .
- الميلاد: وُلد حوالي عام 106 هـ / 724 م في قرية “جور” بفارس (إيران حاليًا)، وقيل في البصرة بالعراق .
- الخلفية الدينية: نشأ مجوسيًا، ثم أسلم على يد عيسى بن علي (عم الخليفة العباسي المنصور) .
إسهاماته الأدبية والعلمية
اشتهر ابن المقفع بـ:
- الترجمة والنقل الثقافي:
- يُعتبر أول من نقل الحكمة الفارسية والهندية والمنطق اليوناني إلى العربية .
- من أشهر ترجماته كتاب “كليلة ودمنة” (نقله عن الفارسية، وهو أصلاً من الأدب الهندي)، والذي يجمع حكايات أخلاقية على لسان الحيوانات .
- ترجم كتبًا أخرى مثل “خداينامه” (تاريخ ملوك الفرس) و**”التاج في سيرة أنوشروان”** .
- التأليف:
- الأدب الكبير: يتناول آداب الحكم والعلاقة بين الحاكم والرعية .
- الأدب الصغير: يركز على تهذيب النفس والأخلاق .
- رسالة الصحابة: نقد فيها نظام الحكم واقترح إصلاحات إدارية .
- المنطق والفلسفة:
- أول من أدخل كتب المنطق اليوناني إلى العربية، مثل ترجمته لكتب أرسطو .
أسلوبه الأدبي
- تميز أسلوبه بالسلاسة والعمق، وجمع بين البلاغة العربية والحكمة الفارسية .
- قال عنه الجاحظ: “كان مقدماً في بلاغة اللسان والقلم”
- نُقل عنه حوار مع الخليل بن أحمد حيث وصفه الخليل: “علمه أكثر من عقله”، بينما قال ابن المقفع عن الخليل: “عقله أكثر من علمه”
اتهامه بالزندقة ومقتله
- اتهمه خصومه (بتحريض من الخليفة المنصور) بالزندقة بسبب آرائه وعلاقته بكتب الفرس، لكن كثيرًا من المؤرخين يرون أن الاتهام كان ذريعة سياسية .
- قُتل عام 142 هـ / 759 م على يد سفيان بن معاوية (والي البصرة)، حيث قُطّع جسده وأُحرق وهو حي .
- قيل إن سبب مقتله يعود إلى خلاف سياسي مع المنصور، خاصة بعد أن أضاف شرطًا صارمًا في عهد أمان لعبد الله بن علي (عم المنصور) .
أشهر أقواله
- “صحبة الأخيار تورث الخير، وصحبة الأشرار تورث الندامة”
- “إذا حاججت فلا تغضب، فإن الغضب يدفع عنك الحجة ويظهر عليك الخصم”
- “ابذل لصديقك دمك ومالك” (من كتاب “الأدب الكبير”)
إرثه وتأثيره
- يُعد رائدًا للنثر العربي الفني، وأعماله أسست لأدب الحكمة والأخلاق في التراث الإسلامي .
- ترك تأثيرًا على أدباء لاحقين مثل الجاحظ وابن قتيبة .
للتعمق أكثر، يمكن الرجوع إلى مصادره مثل كتاب “كليلة ودمنة” أو دراسات عنه مثل “ابن المقفع” لعمر فروخ